إسرائيل تشيّد جداراً خرسانياً داخل الأراضي اللبنانية وسط تصاعد التوتر الحدودي

إسرائيل تشيّد جداراً خرسانياً داخل الأراضي اللبنانية وسط تصاعد التوتر الحدودي
إسرائيل تشيّد جداراً خرسانياً داخل الأراضي اللبنانية

بدأت القوات الإسرائيلية، ببناء جدار خرساني ضخم يمتد داخل الأراضي اللبنانية بعمق يتراوح بين كيلومترٍ واحد وكيلومترين، خلف الخط الأزرق الذي حددته الأمم المتحدة، وذلك مقابل بلدتي مارون الراس وعيترون الواقعتين في أقصى الجنوب اللبناني.

ويُعد هذا التحرك العسكري أحد أخطر التطورات الميدانية منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" أواخر عام 2024، إذ يعيد التوتر إلى الحدود الشمالية للبنان التي تعيش على صفيحٍ ساخن منذ أكثر من عام.

وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الاثنين، أن الجدار الجديد يُبنى خلف الخط الأزرق مباشرة، في منطقة تواجه قرية مارون الراس اللبنانية، مشيرة إلى أن المشروع جزء من خطة إسرائيلية واسعة تشمل إقامة خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، تصر تل أبيب على الاحتفاظ بها بعد وقف إطلاق النار الأخير.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قوات هندسية إسرائيلية تعمل على صبّ الإسمنت المسلّح وتركيب كتل خرسانية ضخمة في نقاط متقدمة، وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار كثيف للآليات العسكرية في المنطقة الحدودية المقابلة لبلدة أفيفيم شمال إسرائيل.

تعدٍ على السيادة اللبنانية

أكدت مصادر أمنية لبنانية أن الجدار يمتد بالفعل في مناطق داخل العمق اللبناني، لمسافة تصل إلى كيلومترين في بعض النقاط، وهو ما يُعد خرقًا فاضحًا لسيادة لبنان ولقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 1701 الذي أنهى حرب يوليو 2006 ونصّ على انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق.

وأضافت المصادر أن هذا التحرك الإسرائيلي يهدف إلى فرض أمرٍ واقعٍ جديدٍ ميدانيًا قبل أي مفاوضات مستقبلية بشأن ترسيم الحدود البرية، خصوصًا أن بعض المواقع التي يجري بناء الجدار فيها تُعد مناطق متنازعًا عليها منذ عقود، مثل التلال الواقعة بين مارون الراس وعيترون.

وتزامن بناء الجدار مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجنوب اللبناني خلال الأسابيع الماضية، حيث شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية متكررة على ما وصفها بأنها مواقع لـ"حزب الله" قرب بنت جبيل والطيبة وحولا، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين والمقاتلين.

وتؤكد هذه التطورات أن الهدوء النسبي الذي ساد منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024 بدأ يتآكل تدريجيًا، وأن احتمالات اندلاع جولة جديدة من المواجهات بين الطرفين باتت قائمة في أي لحظة، خاصة مع استمرار الخروقات الجوية الإسرائيلية وتحليق الطائرات المسيّرة فوق القرى الحدودية اللبنانية.

خلفية تاريخية وسياسية

يُذكر أن الخط الأزرق الذي استندت إليه الأمم المتحدة عام 2000 لتأكيد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، لم يكن يومًا حدودًا رسمية، بل خط تقني مؤقت لتسهيل مهام قوات "اليونيفيل".

ومنذ ذلك الحين، تكررت الاعتداءات الإسرائيلية على هذا الخط، سواء عبر التوغلات البرية المحدودة أو بناء السواتر والجدران العازلة، في محاولة لتغيير الواقع الميداني واستباق أي اتفاق ترسيم نهائي للحدود البرية والبحرية.

ويرى محللون أن بناء هذا الجدار في هذا التوقيت يعكس رغبة إسرائيل في تكريس وجودها العسكري داخل الأراضي اللبنانية، وربما استخدام هذه المواقع "نقاطاً تفاوضية" مستقبلية، في ظل الجمود الدبلوماسي وغياب الوساطة الدولية الفاعلة منذ توقف مفاوضات ترسيم الحدود عام 2024.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية